ملفات ساخنة

تبرع “زينة الميلاد”.. هل يمسح جرائم ابو عمشة وتبيض سجله الإرهابي؟

أثار إعلان محمد الجاسم، المعروف بـ”أبو عمشة”، قائد فصيل “السلطان سليمان شاه” (العمشات)، عن تبرعه بزينة شجرة عيد الميلاد في مدينة السقيلبية بريف حماة الغربي، موجة من الجدل على وسائل التواصل الاجتماعي. ففي مدينة ذات غالبية مسيحية، لم يكن التبرع بحد ذاته هو ما أثار التساؤلات، بل هوية المتبرّع، وما يحمله من دلالات سياسية ودينية متشابكة.

شجرة الميلاد، رمز المحبة والسلام، تحوّلت في هذا السياق إلى ساحة رمزية لصراع المعاني. فحين يقدّم أحد أبرز قادة الفصائل المسلحة المتهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة تبرعًا لزينة الشجرة، لا يمكن فصل هذه الخطوة عن محاولات تلميع صورة شخصية مثيرة للجدل، أو إرسال رسائل سياسية مغلّفة بطابع ديني.
تبرع أبو عمشة، الذي ارتبط اسمه بملفات انتهاكات وجرائم في مناطق عدة، لا يبدو بريئًا في نظر كثيرين. فبدل أن يكون الاحتفال مناسبة روحية خالصة، تحوّل إلى مشهد يوظّف الدين في خدمة السلطة، ويُظهر كيف يمكن للمؤسسة العسكرية أو حلفائها أن يتسللوا إلى الفضاء الديني، حتى في أكثر رموزه قداسة.

المؤيدون لسلطة الجولاني رأوا في خطوة التبرع بادرة حسن نية ورسالة وحدة وطنية.
أما المنتقدون فقد اعتبروا أن قبول الكنيسة لهذا التبرع يُفرغ المناسبة من معناها، ويمنح شرعية رمزية لرجل متهم بالإرهاب.
كما تساءل عن ناشطون غياب الشخصيات المدنية والدينية المستقلة، واعتبروا أن الاحتفال تحوّل إلى منصة رمزية للسلطة.

في استحضار لرمزية دينية عميقة، شبّه البعض المشهد بقصة النبي داود، الذي رفض الرب أن يبني الهيكل لأنه “خاض حروبًا وسفك دمًا”. فكيف يُقبل اليوم أن تُزيَّن شجرة الميلاد – رمز السلام – بتبرع من رجل ارتبط اسمه بالعنف؟ وهل باتت الكنائس مستعدة لقبول “هدايا” من شخصيات متهمة بارتكاب جرائم، فقط لأنها قريبة من دوائر النفوذ؟
ما جرى في السقيلبية ليس مجرد تبرع بزينة، بل مشهد يعكس كيف يمكن للمناسبات الدينية أن تُستغل لتلميع وجوه قاتمة. وبين من يرى في الخطوة تقاربًا وطنيًا، ومن يعتبرها استغلالًا فجًّا للرموز الدينية، تبقى شجرة الميلاد رمزًا للسلام، لا يجب أن يُدنّس باسم السياسة أو العسكرة.

 

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى